حتى لايقع الطلاق ( 8 ) رسائل
في كل
يوم نسمعُ قصصِ الطلاق ، وتزدادُ أعدادُ المطلقين والمطلقات ، وبالتالي
يزدادُ أعدادُ أولادهم وبناتهم الذين سيعيشون بدونِ أسرةٍ متماسكة .والحديثُ عن مشكلاتِ الطلاقِ حديثٌ لاينتهي ، لتجدد الأحداث فيه .
والحقيقةُ أنه موضوعٌ مليءٌ بالتفاصيلِ المحزنة .
لقد تحدثَ الكثير عن مآسي الطلاقِ والقصصِ المؤلمةِ التي يتعرضُ لها الرجلُ والمرأةُ والأطفالُ .
ولكن وللأسف ، لانجدُ من يتحدث عن العوامل التي تقي المجتمع من الطلاق .
إن المجتمعَ بحاجةٍ للوعي في الأسبابِ التي تقي من انتشارِ هذا الطلاق .
ولذا كتبتُ بعضَ الرسائلِ لعلها تساهمُ في علاجِ هذا الأمر .
الرسالة الأولى :
يجبُ أن يعرفَ كل زوجين الحقوقَ التي لهم والتي عليهم ، ثم يقوموا بتنفيذ تلك الحقوق حسب القدرة .
ولن يتحقق هذا إلا بالثقافةِ في ذلك قبل الزواج .
والحصولُ على هذه المعلومات ممكنٌ من خلالِ القراءةِ أو الاستماعِ للصوتيات التي تهتم بذلك ، أو حضورِ الدوراتِ التدريبية ، أو مشاهدتها في اليوتيوب ، مع الحرص على اختيار الشيخ أو المدرب المتخصصُ في قضايا الأسرة .
الرسالة الثانية :
يجبُ أن يكونَ هناك دورٌ توجيهي لوالدي الزوج والزوجة في تثقيف الابن والبنت بموضوعاتِ الزواجِ ، قبل تزويجهم .
وقد يقول قائل : قد يكونُ والدي الزوج أو الزوجةِ على جهلٍ بذلك .
فأقول : هذا صحيح فقد يكونوا من كبارِ السنِ أو العامةِ الذين لايدركون تلك المسائل ، فهنا يكونُ الدورُ على المجتمع .
الرسالة الثالثة :
المجتمعُ له دور في التوعية ، وعلى رأسِ تلك الأدوار :
أ- الإعلام ، كالقنواتِ الفضائية التي يشاهدها عشراتُ الألوف على مستوى العالم .
ومايدريك لعل برنامجا أسرياً يتحدثُ عن الزواجِ أو الطلاقِ يشاهده الملايين ، يكون له دورٌ في تنمية الحب بين الزوجين ، أو إيجادِ حلٍ لبعضِ المشكلاتِ التي تدورُ في حياتهم .
ب - ومن الأدوارِ المهمة : دورُ المسجد .
وإني أجزم لو أن إمامَ المسجدِ يفكرُ في وقايةِ المجتمعِ من جحيمِ الطلاقِ لوجدَ عشراتِ الوسائلِ الدعويةِ لنشرِ الوعي في ذلك الموضوع ، ومن تلك الوسائل :
الوسيلةُ الأولى :
خطبةُ الجمعة التي يحضرها المئات ، فلو خصصَ الخطيبُ – كلَ ثلاثةِ أشهر - موضوعاً عن الأسرةِ وهمومِها وسعادتَها ، والطلاقُ وأسبابهِ وطرقِ الوقايةِ منه لكان في ذلك توعيةً نافعةً للمصلين .
ولك أن تتخيل لو أن عندنا في المدينة الواحدة ١٠٠ جامع تقامُ فيه خطبةَ الجمعة ، ويحضرُ في كل مسجد نحو ( ألف ) من الرجال ، فسيكون العدد ١٠٠ ألف شخص استمعوا لموضوعٍ يتناولُ شأنِ الأسرة .
إنه عدد ضخم ، وبلاشك أن هذا سيساهمُ في تثقيفِ المجتمعِ بموضوعات الأسرة .
الوسيلةُ الثانية :
الكلماتِ القصيرةِ التي يلقيها بعضُ الأئمةِ بعدَ صلاةِ العصرِ أو المغربِ أو العشاءِ ، فلو تحدثوا عن موضوعاتِ الزواجِ والطلاقِ بشكلٍ متميز ، لكان في ذلك خيرٌ للناس .
الوسيلةُ الثالثة :
الاجتماعاتِ التي تكونُ في الحي ويحضرها عامةُ الناس ، فلو تم التنسيقُ مع بعض المتخصصين في شأنِ الأسرةِ والمدربين لإلقاء موضوعات عن الأسرة ، لكان في ذلك خير للحضور وتوعيةٍ جيدةٍ لهم .
ج - ومن الوسائلِ الإعلامية :
الاستفادةِ من مواقعِ التواصلِ بأنواعها . فمما لاشك فيه أن كلَ الناسِ يجلسون وقتاً طويلاً على مواقعِ التواصل ( واتساب . تليجرام . سناب شات . تويتر . فيس بوك . انستقرام ) .
فهل شاركَ الدعاةُ والفضلاءُ في تلك المواقعِ بموضوعاتٍ تهمُ الأسرةِ وتعتني بملفِ الزواج والطلاق بشكلٍ إيجابي ؟
والله لو كان هناك مشاركةٌ فعّالة لرأينا أثرَ ذلك في المجتمع .
ألا يمكنك كتابةَ رسالة عن الطلاق وأسبابه ، ثم ترسلها عبر قروبات الواتس ، لعلها تقعُ في قلبِ أحدهم ممن يفكرُ بالطلاق ؟
ومايدريك لعله يلغي تلك الفكرةِ ويعودُ لأسرته بكلِ حب وتقدير .
د - ومن الوسائلِ الإعلامية :
الاستفادةُ من مصممي الصور والفديو والمونتاج .
إن الصورةَ الثابتةُ والمتحركةُ لها تأثيرٌ واضح في حياة الناس ، ولذا تستخدمها الشركاتُ في التسويق والإعلانات .
ومِن هنا أبعثُ رسالة لكل مصمم محترف ، ابدأ مستعيناً بالله في معالجة موضوعِ الطلاق من خلال تصاميمك الرائعة .
فلو وضعتَ صورةَ طفلٍ بين والديه وهو يبكي ويقول : بابا لاتطلق ماما .
وأخرجت ذلك التصميم بشكل بارع ، لعلك تُغلق ملفَ الطلاق من عشرات البيوت من حيث لاتعلم .
وإلى مصمم الفديو أقول له : يمكنك اقتباسُ بعض الصوتيات التي تعتني بالأسرةِ ثم تخرجُ ذلك في مقطع فديو مؤثر مع بعض الصور المتحركة التي توحي بالأسرة ، لعلها تقعُ في قلبِ زوجٍ أو زوجةٍ يفكران بالطلاق .
الرسالة الرابعة :
العنايةُ بتثقيفِ المجتمعِ لفكرةِ ( حلولِ المشكلات ) .
وهذا يتطلبُ قراءةِ وسماعِ وحضورِ الدوراتِ أو مشاهدتها عبر الانترنت لتنمية الوعي بالحلول ، لأن الكثيرَ من الرجالِ والنساءِ يجهلون أبسطَ الحلول ولايرون الحل إلا في الطلاق .
الرسالة الخامسة :
دورُ القضاةِ في نصيحةِ الرجلِ قبل إصدارِ صكِ الطلاق ، فإن كان الشخص قد أوقع الطلاق فلابدَ من إخباره بإمكانيةِ الرجوعِ وصفةِ إرجاعِ الزوجةِ وأحكامِ ذلك ، لعله يرجعُ لها ولو بعد حين قبلَ نهاية عدتها .
الرسالة السادسة :
نشرُ ثقافةِ حبِ الأسرةِ والتمسكِ بها ، وذلك في جلسات العمل واللقاءات مع الأقارب والزملاء .
والحذر من نشر التشاؤم وقصص الطلاق بين الزوجين ، لأن المجتمع بحاجة إلى وعي بالسعادة الأسرية والأسباب التي تحققها .
الرسالة السابعة :
تفعيلُ مؤسساتِ الصلحِ بين الزوجين في كل مدينة ، والحرصِ على تطويرِ مهاراتِ القائمينَ عليها ، وتدريبهم على فنونِ التعاملِ مع الزوجين ، وإقناعهم بالتمسك بالأسرة وتعليمهم أنواع الحلول لمشكلاتهم .
الرسالة الثامنة : النصيحة .
إن الواحدَ منّا قد يعلمُ أن صديقه ينوي طلاقَ زوجته ، فهل نسكتُ عنه ؟
لماذا لاننصحهُ ونذكرهُ بأسرته وأطفاله ومفاسدِ الطلاق ؟
نعم قد لانجيدُ الحل لمشكلته ولكننا نقدرُ على تهدئته حتى يستشيرَ المتخصص في شأن الأسرة .
قل مثل ذلك عند النساء فالبعضُ من الأخواتِ تعلمُ بقصةِ صديقتها وربما اشتكت لها من زوجها ، فالواجبُ هنا هو الإنصات لها والتفاعل معها عاطفياً ثم إقناعها بأن هناك حلولٌ أخرى قبل الطلاق .
ولكن وللأسف فإن بعضَ الأخواتِ تشجعُ صاحبتها على الطلاق بمجردِ سماعِ شكواها ، ثم لاتفكر في حياتها بعد الطلاق .
ختاماً : إن ملف الطلاق يحتاج للعديد من الأطروحات ، والتنويع والتجديد في ذلك مطلب مهم لعله يوقف أو يخفف طوفان ذلك السيل .ماجد محمد الجهني